Menu

إسرائيل من فشل إلى فشل إلى ردة الغضب  

حمدي فراج

حمدي فراج

خاص - بوابة الهدف

 

لفترة طويلة، كنت أعتقد أن أغنية ماجدة الرومي "أين ستهربون من ردة الغضب" مجرد أغنية عربية لبنانية، تبعث الحماس والأمل في صفوف الجماهير، حتى ظهرت ثلاث دول أوروبية وازنة ومهمة تعترف بدولة فلسطين، لم يهم أنها وازنة ومؤثرة، ولم يهم أنها ستزيد عدد المعترفين الذين يناهزون مئة وخمسين دولة بزيادة ثلاثة إليها، بل إنها قررت في ليلة واحدة وساعة واحدة أن تعترف معاً وبشكل تظاهري بدولة فلسطين بعد أقل من ثمانية أشهر على طوفان الأقصى، بعد ما يزيد على ثلاثين سنة من مؤتمرين دوليين شهدتهما عاصمتي دولتين من الدول الثلاثة، مؤتمر مدريد ومؤتمر أوسلو .

 

ما لفت النظر أيضاً إزاء هذه الخطوة التاريخية، ردة الفعل الإسرائيلية على لسان زعيم المعارضة يائير لابيد، الذي رغم اعتراضه على القرار بوصفه إياه قراراً مشيناً، إلا أنه عزاه لفشل حكومة بلاده "فشلاً سياسياً غير مسبوق"

 

لم يكن هذا "الفشل" الأول الذي وقعت فيه حكومة نتنياهو، بل لربما جاء تتويجاً لسلسلة طويلة من الإفشالات على مدار الحرب التي استمرت حتى الآن ثمانية أشهر، على بعد عشرة أيام من دخول الشهر التاسع .

 

بدأت رحلة "الفشل" منذ اليوم الأول في الثامن من أكتوبر الماضي، يوم قررت هذه الحكومة مهاجمة قطاع غزة للقضاء على الشعب الفلسطيني هناك، "الحيوانات البشرية" وفق وزير الدفاع ورئيس الدولة، ومنع الكهرباء والغذاء والدواء والماء (حتى الحيوانات يا قيادة الدولة الديمقراطية تستحق أن تعيش ولا يجوز أن تموت جوعاً وعطشاً وقصفاً) (قال لهم بوتن بعد أسبوع  أن حصاركم على غزة أشبه بالحصار النازي على ليننغراد). (بعد أسبوعين  قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أن معدل قتل الأطفال وصل إلى 120 طفل كل يوم) .

 

ثم جاءت دولة جنوب أفريقيا لتحاكم إسرائيل في محكمة العدل الدولية، تنكرت إسرائيل وهاجمت المحكمة، ثم جاءت محكمة الجنايات وأصدرت أمرها باعتقال نتنياهو  ووزير دفاعه، وكانت قبل ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 153 صوتاً تنادي بوقف الحرب والاعتراف بعضوية فلسطين الكاملة، فما كان من مندوب إسرائيل إلا أن يحضر معه مفرمة ورق ويفرم عليها دستور الأمم المتحدة. قصف قنصلية إيران في دمشق وما جرّ عليها من مئات الصواريخ والمسيّرات .

 

ذهب "الفشل" إلى ما لم يكن ليتوقعه المراقب، إلى تخريب العلاقة مع أميركا، بعد أن لم يظل أحد من مسؤوليها لم يقم بزيارتها عدة مرات، (بلينكن سبع مرات)، وحتى صفقة الرهائن التي أشرف عليها مباشرة مدير المخابرات وليم بيرنز، فانفجرت أعرق الجامعات الأميركية والعالمية من كندا إلى أوروبا إلى أستراليا .

 

إزاء قرار إسبانيا والنرويج وإيرلندا، قالت الخارجية الإسرائيلية أنها تبحث سلسلة إجراءات عقابية ضد هذه الدول .

 

من بين الأماكن التي كانت فيها إسرائيل تهرب من "فشلها" قتل المزيد من أطفال غزة، حتى أصبح العدد يتجاز 15 ألفاً ومثلهم تقريباً من النساء والأمهات، حتى بات العالم في كل أصقاع المعمورة، مقتنع تماماً بأن نتنياهو يليق بهذه الدولة، وهذه الدولة تليق بنتنياهو "هيك طائفة بدها هيك مطران" .

 

أين ستهربون من ردة الغضب / لن يجدي الهرب / يا من بنيتم أمنكم، بدماء أجساد الصغار / لن تستطيعوا غسل هذا العار / يا أقحوان الموت، يا حضارة الدمار.